الأخبار

لا ممارسات احتكارية فى سوقى الطماطم والبطاطس

115

 

 

تعدد حلقات التوصيل وعشوائية القرارات وطمع التجار أساس ارتفاع الأسعار
• التموين تدرس إقامة «نقاط تجميع» تشترى من الفلاح وتبيع للمستهلك دون وسطاء

«لم يثبت وجود ممارسات احتكارية فى سوقى الطماطم والبطاطس أدت إلى ارتفاع الأسعار»، هذا ما أكدته منى الجرف رئيسة جهاز حماية المنافسة، فى بيان للجهاز أمس بعنوان «الحقائق الغائبة»، مشيرة إلى أن الجهاز بدأ دراسة هاتين السوقين فى محافظات القاهرة والجيزة والإسكندرية خلال الفترة من 2013 إلى مايو 2015.

وكانت أسعار بعض الخضراوات قد ارتفعت بصورة ملحوظة خلال الأسبوعين الماضيين، وأبرزها الطماطم، التى قفز سعرها إلى ما بين 8 جنيهات و12 جنيها للكيلوجرام، والبامية التى تعد فى أول الموسم وتراوح سعرها بين 15 و25 جنيها للكيلو جرام.
وبحسب بيانات الغرف التجارية، تجاوز عدد تجار الجملة فى سوق الخضار 1000 تاجر بالإسكندرية، ومثلهم فى القاهرة والجيزة، وترى دراسة «حماية المنافسة» أن البيانات ــ رغم ما قد يثار عن دقتها ــ تظهر ارتفاع عدد المتعاملين فى السوق بما يصعب معه وجود تاجر مسيطر فى السوق، فضلا عن صعوبة وجود اتفاق بين التجار، وبالفعل لم تثبت الدراسة ــ إلى الآن ــ أى نوع من هذه الممارسات المقيدة للمنافسة فى سوقى الطماطم والبطاطس خلال فترة البحث.
«الحديث عن قيام بعض التجار بتقييد العرض لرفع الأسعار، أمر لم يثبت تحققه على الإطلاق، ناهيك عن صعوبة قبوله فى أسواق الخضراوات عامة، وسريعة التلف منها خاصة (كالطماطم)، فى ظل الافتقار إلى وسائل التخزين الملائمة»، تضيف الدراسة التى أشارت إلى أن السبب

الرئيسى فى ارتفاع الأسعار هو تعدد الحلقات والوسطاء فى رحلة الخضراوات والفاكهة من الفلاح إلى المستهلك النهائى.
ومن هنا تدعو الجرف إلى أهمية إقامة نقاط تجميع لتخفيض التكاليف الناجمة عن تعدد الوسطاء وحلقات التداول، على أن تقوم هذه النقاط بتجميع المحصول مباشرة من الفلاحين فى المحافظات الزراعية، مع إنشاء منافذ للبيع مباشرة للمستهلك، ومن ثم يكون لدى المستهلك فرصة الاختيار ما بين الحصول على المنتج من منافذ البيع بالمحافظات بأسعار أقل، أو من تاجر التجزئة بسعر أعلى. «ووزارة التموين وجهاز تنمية التجارة الداخلية يعكفان على ذلك»، تؤكد الجرف.
وكان جهاز حماية المنافسة قد قام منذ أكتوبر 2014 بدراسة سوقى الطماطم والبطاطس (كنموذج يمكن تطبيقه على أسواق أخرى)، وقد تم اختيار هذين السوقين لما يمثلانه من أهمية خاصة فى نمط الاستهلاك المصرى.
ووفقا لطبيعة قانون حماية المنافسة، التى تتطلب عند بحث القضايا تحديد المنتج المعنى والنطاق الجغرافى محل الدراسة وفترة البحث، فقد اختيرت كل من محافظات القاهرة والجيزة والإسكندرية للدراسة عن الفترة من 2013 إلى 2015، وتم ذلك بالاعتماد على البيانات الشهرية لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، ووزارة الزراعة، بالإضافة إلى قيام عدد من الباحثين بالجهاز بعقد بعض اللقاءات والزيارات الميدانية مع عدد من تجار الجملة والتجزئة فى سوقى الحضرة بالإسكندرية والعبور، وعدد من تجار التجزئة فى أماكن أخرى، بالإضافة إلى لقاء مع بعض شركات التصنيع الزراعى.

وقد أبرزت الدراسة عدد من النقاط المهمة تتمثل فى الاختلاف فى أسعار المنتج الواحد (الطماطم، والبطاطس) بين المحافظات خلال فترة البحث، وتأرجح أسعار التجزئة والجملة الأسبوعية بين الارتفاع والانخفاض، «بما يؤكد أن ما يتداول فى الرأى العام عن ارتفاع أسعار الخضراوات لا يقابله انخفاض لها فى وقت آخر، هو قول عار تماما من الصحة»، تقول الدراسة.
بالإضافة إلى ذلك، أكدت الدراسة أن أسعار الخضراوات تسجل فى أغلب الأحيان ارتفاعات فى بداية الموسم الزراعى، إلا أنه فى بداية موسم الحصاد تبدأ الأسعار فى الانخفاض تدريجيّا.
وقد توصلت أيضا إلى أن أسعار الطماطم سواء الجملة او التجزئة سجلت ارتفاعا خلال الأسابيع الأخيرة، إلا أن هذا لم يتحقق لمنتج البطاطس. فى الوقت نفسه، ارتفعت أسعار الجملة خلال فترة الدراسة بالنسبة لمنتج البطاطس عن أسعار التجزئة فى محافظة الإسكندرية، الأمر الذى يمكن

تفسيره فى ضوء ما أشار إليه بعض تجار التجزئة من قيامهم بتحميل الخسارة فى صنف لأسعار بيع صنف آخر.
وفى هذا الإطار، توضح الجرف، لـ«الشروق»، «ارتفاعات الأسعار فى أسواق الخضراوات لها أسباب عديدة وليس بالضرورة نتيجة ممارسات احتكارية، وهذا يتطلب البحث لحصر هذه العوامل فى كل سوق على حدة من أجل مواجهتها بشكل علمى».
وتضيف «تعدد حلقات التداول والوسطاء فى أسواق الطماطم والبطاطس، انعكس فى النهاية على الأسعار المعروضة للمستهلك النهائى»، مشيرة إلى أن الدراسة التى قام بها الجهاز أوضحت وجود أكثر من نمط للتداول.
فمن بين هذه الأنماط، بحسب الدراسة، نمط يعتمد على التداول من الفلاح إلى تاجر الجملة فتاجر التجزئة، وهناك نموذج آخر يضيف الوسيط بين الفلاح وتاجر الجملة، ويقوم هذا الوسيط بجمع المحصول من أكثر من مزارع، ويسعى كل وسيط فى هذه الحلقة إلى تحقيق هامش ربح مرضى له ينعكس بدوره على ارتفاع السعر النهائى.

وتتعدد السيناريوهات فى النمط الثانى، تقول الدراسة، مما يتسبب فى رفع الأسعار، حيث يقوم بعض من تجار الجملة، أو الوسيط بتقديم دفعة مقدمة للفلاح قبل الموسم الزراعى على أن يحصل على المحصول لاحقا، وإذا جاء المحصول بمستوى أدنى مما كان متوقعا، يضطر تاجر الجملة (أو الوسيط) إلى رفع أسعار البيع لتاجر التجزئة لتعويض خسارته أو لمحاولة تحقيق هامش الربح الذى توقعه.
ولتعويض خسارتهم المتمثلة فى عدم تحصيلهم لأموالهم فى ظل نظام الدفع الآجل، يقوم بعض من تجار الجملة برفع أسعار البيع لتجار التجزئة.
أما عن تجار التجزئة، فهؤلاء يقومون بتحميل أية خسارة يتعرض لها المنتج من فاقد أو تالف خلال النقل والتخزين على أسعار البيع للمستهلك النهائى.
«الكل بيدور على مضاعفة أرباحه، والمستهلك هو اللى بيدفع الثمن»، يقول مسئول فى الجهاز موضحا، أن كل طرف من حلقة توصيل المنتج إلى المستهلك يحاول تأمين ربحه حتى لو على حساب المستهلك.
ومن أهم ما توصلت اليه الدراسة أيضا «عشوائية» قرارات المزارعين، الأمر الذى كان شديد الوضوح فى منتج الطماطم، فارتفاع أسعار المنتج فى موسم يدفع كثير من الفلاحين بالقيام بزراعة الطماطم فى الموسم المقبل دون دراسة أسباب ارتفاع الأسعار، أو توقعات الطلب والعرض، وبالتالى تنخفض الأسعار فى الموسم المقبل، ومن ثم «ادعاء المزارعين» للخسارة نتيجة عدم تحقيقهم هامش الربح المتوقع.

 

الشروق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى