الأخبار

أمهات شهداء مذبحة بورسعيد: «النهاردة عيد»

«رحل جسدي ولكن أنا هنا يا أمى في قلبك الذي فطر كمدا وشاب مشيبا من بلغ من العمر عتيا.. في روحك التي شاخت.. في جفونك الدامية.. في ضلوعك التي مزقتها آهاتك وأناتك.. في هذا الجسد الذي أثقل كأهله وجع فقداني.. يا أمى إن الأرواح إذا جاءت لن ترحل فالذي يرحل هي تلك الأجساد الفانية فاستعيضى بذلك ولا تجعلينه عائقا للوصل».

«أحدثك من قبرى يصلنى دعاؤك وتضرعك لله أن يبرد قلبك وأن يقتص من غادرى واليوم كان القصاص ولكنه قصاص مؤقت؛ فالقصاص الأكبر مؤجل ليوم تشخص فيه الأبصار، دعينا من كل هذا فاليوم عيدك الذي كنت تنتظرينه منذ 5 سنوات.. اليوم أقيمي السرادق وتقبلي عزائي واستقبلي المعزين بالزغاريد والأفراح واجعلي رفاقي يشعلون الشماريخ التي كان إشعالها يومًا ما تهمتي».

كان ما سبق سيناريو تخيلي بين شهداء مذبحة بورسعيد وأمهاتهم المكلومات.. والتي التقت «فيتو» بمجموعة منهن ليسردن رحلة 5 سنوات في القصاص لأبنائهن.

شتاء بارد

الشهيد محمد جمال صاحب الـ 15 عاما ذهب دون علم والدته ليعود جثة هامدة في شتاء بارد كبرود قلب قاتله الذي أطاح به من فوق المدرجات ولم يشفق على والدته التي تلقت مكالمة هاتفية في نفس يوم استشهاده، كانت قصيرة المدى ولكنها طويلة الأثر: «ابنك موتهولك عاوزه حاجة تانى».

«5 أعوام من العذاب».. بتلك الكلمات بدأت والدة الشهيد محمد جمال، حديثها لـ«فيتو» مضيفًة: «عشت 5 سنين عذاب وكأنها 100 سنة.. تعب وتأجيل وحكم المفروض يخلص خلال سنة.. قلبى كان نار والنهاردة برد.. ابنى كان مكلمنى وبيقولى متخافيش أنا كويس ولقيت صوييت وخبط ورزع جامد وكان قلبي مقبوض، وبعد كده حد كلمنى وبيقولي: «موتهولك هتعوزى حاجة تانى».

حاوطونا بالمدرعات

كانت تطيل في صلاتها داعية الله أن يذهب الموت بعيدًا عن من تحبهم لم تكن تعلم أن الموت يحوم حول فلذة كبدها ليقبض عمره في سن مبكر مبطلا أمنياتها اللحوحة في أن يجعل الله أجلها قبل أجل أولادها، إنها والدة الشهيد أحمد طه والتي تحدثت لـ«فيتو» بصوت ممزوج بالدموع: «ابنى عنده 16 سنة.. ليه يموت بالطريقه دى؟.. 5 سنين مبيجلناش في الحلم حرمونا منه والنهاردة أخدنا حقه اتبهدلنا من محكمة لمحكمة ومن قاضى لقاضى ومن رصيف لرصيف.. ابنى كان بيحط القرش على القرش عشان يجيب تيشيرت النادي الأهلي”.

والدة الشهيد أحمد طه.. عبرت عن استيائها من إدارة النادي الأهلي قائلًة: «النهاردة بدل ما يفتحولنا باب النادي ويقوللنا مبروك حق ولادنا رجع.. منعونا وجابولنا عربيات مدرعة وظباط وكأننا مش أهالي العيال اللى دفعت روحها عشان ناديهم».

زغاريد ودموع

بالأحضان والزغاريد تستقبل مباركيها ومن حين إلى آخر تنظر في تلك الصورة تضمها إلى صدرها باشتياق لعلها تشبع ظمأ قلبها تداعب بحنية صورة نور عينها وتغلبها الدموع لتصرخ: «آه يابنى».. إنها والدة الشهيد أحمد زكريا التي تحدثت لـ «فيتو» قائلًة: «5 سنين وإحنا موجوعين وجع محدش يعلم بيه إلا ربنا وأتحرمنا من الإحساس بأن الحق هيرجعلنا وأتبهدلنا في الشتاء والصيف، والنهاردة ارتاحنا وأنا هروح لابني دلوقتى وأقوله يا حبيبى خدنا حقك».

فيتو

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى