حوادث

غموض مقتل «السفير طعيمة»..

 

 

 

ينبئ الشارع المؤدى إلى قرية منيل السلطان بمنطقة الصف، حيث مسرح حادث قتل محمود عبدالعظيم طعيمة، بأن حادثًا غير عادى وقع فى القرية، تراقبك أعين الأهالى فى رهبة، «جاءوا لأجل الكلام عن مقتل الدجال».

استفاقت القرية التابعة لمحافظة الجيزة، قبل أسبوعين على حادث مقتل «طعيمة»، فى حادث يقول الأهالى إنهم لم يألفوه من قبل: «عثرنا على الجثة بالترعة، مع أذان صلاة الفجر، وحولها فوارغ طلقات الرصاص».

يقطن «طعيمة» منزلا مكونا من طابقين يغلب على جدرانه اللون البرتقالى، ويبدو أنه الأجمل بين منازل القرية الريفية، وتشير لافتة بالرخام إلى صاحب البيت: «منزل محمود عبدالعظيم طعيمة.. أعيد تجديده فى 2008»، ويلقب صاحب المنزل نفسه باسم «السفير».

معظم سكان القرية التى تبعد عن القاهرة مسافة ساعتين بالمواصلات، رغم شهرتها بـ«الدجل» ملتزمون دينيًا وملتحون، كما رصدت «المصرى اليوم»، أحدهم الذى دلنّا على منزل «طعيمة»، واكتفى بتعليق: «الله يرحمه ويسامحه»، جملة لا تشفى لإجابة عن سؤالنا: «ماذا تعرف عن السفير؟».

لا يزال الأطفال بالقرية يتلقون تعليمهم قبل الابتدائى، بـ«الكُتّاب»، وأخذوا يرددون آيات من القرآن الكريم، فى طريق عودتهم إلى المنزل.

امرأة ستينية تُدعى «أم مصطفى»، ونجلتها «آية»، طالبة بالثانوية العامة، فتحتا لنا الباب عندما طرقنا عليه، الأولى قالت: «إنها أرملة طعيمة، وتريد حقه من القتلة»، قبل أن تؤكد ابنتها: «الصحف أغلبها كتبت أن أبى دجالاً وهذا غير حقيقى».

تعرض علينا الأم وابنتهاـ احتساء الشاى، «كواجب ضيافة»، فتقدمنا بالشكر، فلاحقتنا زوجة السفير: «آسفة البيت ليس به رجل الآن.. وابنى الكبير حاليًا يعمل فى الأرض».. اصطحبتنا أم مصطفى ونجلتها إلى منزل ابنتها الكبرى وتُدعى أم شروق، لسرد تفاصيل الحادثة، وقبل ذلك قالت: «انظروا إلى منزلنا عليه آثار لطلقات نيران تعود لأكثر من 3 سنوات.. أحد أفراد عائلة العامرية هجم علينا، وأخذ حكمًا بالحبس 4 سنوات».

منزل دجال الصف

لا تعرف زوجة «طعيمة» الجانى: «نفسى أتوصل لقاتل زوجى، لكنّى اتهم عائلة العامرية بتدبير الحادث»، لكنّها لا تفصح عن المشاجرات القديمة.

تقول «آية»، وكانت تمسك بقصاصة من جريدة الأهرام، بها خبر عن مقتل أبيها، والتى قالت الصحفية إنه دجالاً، إنه اعتاد الذهاب إلى شقيقتها أم شروق كل يوم بقرية القرونى، وقبل الشروق والغروب يجلس بقطعة أرض زراعية يمتلكها ومساحتها نحو 3 قراريط، «ويوم الحادث اصطحبتنا الشرطة إلى الترعة، للتعرف على جثة أبىّ»، تضيف: «آثار إطلاق النيران كانت عليه من الظهر، ولم نتهم أحدا حينها».

منزل دجال الصف

عند مسجد أبوخضرة القريب من منزل «طعيمة»، استوقفتنا أم مصطفى، للحديث مع نجلها الأكبر فى الهاتف، والذى نبه عليها: «لا تتحدثوا إلى الصحافة، حق أبويا هنعرف نجيبه»، ليتجمهر الأهالى من حولنا، بعضهم تحدث عقب انصراف أم مصطفى ونجلتها لتعودا أدراجهما: «آسفة يا ابنى أحضرا فى يوم آخر.. يكون ابنى جاء من عمله».

شددت أم مصطفى قبل مغادرتها، بألا يصطحبنا الأهالى إلى منزل ابنتها الكبرى «أم شروق»، التى تُعد خزينة أسرار أبيها، وقالت: «أغلب الناس بالقرية لا يعرفون الكثير عنا، أساسًا نحن من سكان المعادى، وجئنا إلى منيل السلطان من حوالى 7 سنوات، وبعد قتل زوجى لم أتحمل العيش بالمعادى».
كثيرون فى منيل السلطان، ومنهم محمد عمر، قالوا إن «طعيمة» شخصية غامضة للغاية «قليل جدًا عندما نراه يصلى معنا فى المسجد»، وأجمعوا فى رواياتهم عن الحادث «سمعنا أنه كان دجالاً وله فى تلك الأعمال.. والله أعلم».

سيد محمود، مدرس، قال: «الحادثة غامضة.. وأول مرة تحصل عندنا، حتى لو قلنا إنها ثأر فتلك الحوادث لم تعهدها قريتنا بخلاف القرى المجاورة».
قرب الترعة التى عثر فيها على جثة «طعيمة»، يجلس جمع من الأهالى على كراسى بلاستيكية وحصير، جميعهم سمع بالحادثة، ورفض التعليق عليها، بالقول: «القرية كلها تعرف ولا أحد سيدلكم على شىء.. الله يسامحه على كل حال».

تحريات المباحث وتحقيقات النيابة ـ أفادت باشتغال المجنى عليه فى أعمال الشعوذة وتردد سيدات ومواطنون عليه، وقالت أم مصطفى لـ«المصرى اليوم»: «الشرطة اصطحبتى إلى أرضنا الزراعية.. وفتشوا فيها»، ولم تضف أكثر من ذلك، بينما أكدت التحقيقات: «العثور على أوراق مدّون بها عبارات مناجاة للجن، وأحجبة وأدعية».

وأظهرت مناظرة النيابة لجثة «طعيمة» إصابته بـ5 طلقات نارية فى الظهر، جميعها أحدثت فتحات دخول وخروج، وعُثر بمسرح الحادث على 9 فوارغ.

وافق محمود ياسين، سائق «توك توك»، على التسجيل معه بشأن معرفته بالمجنى عليه، وقال: «طعيمة» لقب بـ«السفير» لأنه كان يدفع أموالاً فى الأفراح الشعبية ليحيه المغنيون من فوق المسرح، ومن هنا جاء لقبه الذى أتى به من مسكنه القديم بالمعادى، فيما تكثف أجهزة الأمن جهودها للوصول للجانى، في الوقت الذي تسيطر فيه حالة من القلق على أهالى المنطقة.

منزل دجال الصف
المصرى اليوم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى