الأخبار

“فرانس برس”:هجوم “جاريسا” يعكس فشل كينيا

49

 

يرى محللون، أن مجزرة جامعة جاريسا التي قتل فيها 148 شخصا معظمهم من الطلاب، نجمت إلى حد كبير عن إخفاقات سياسية متتالية في كينيا، من التهميش التاريخي للسكان ذوي الأصول الصومالية، وبشكل أوسع المسلمين، إلى العجز عن ضمان الأمن في البلاد.

وتشهد جاريسا كغيرها من المناطق الحدودية الأخرى، مثل مانديرا وواجير على الساحل الكيني، من أرخبيل لامو إلى مرفأ مومباسا، هجمات متكررة متفاوتة في خطورتها، من قبل الإسلاميين الصوماليين في حركة الشباب.

ويقطن هذه المناطق الفقيرة المهملة منذ فترة طويلة، أفراد الاتنيتين الصومالية والسواحلية المسلمتين، متاخمة للصومال الغارقة في الفوضى منذ أكثر من عقدين، وتفصل بينهما حدود غير مضبوطة طولها 700 كيلومتر.

وتحولت هذه المناطق، إلى هدف مفضل للإسلاميين، إذ يجدون فيها ملاذا وأرضا خصبة لنشر التطرف، وللتصدي للجهاز الأمني الضعيف.

وبسبب استيطان التطرف في شمال وشرق كينيا وساحلها، استبعدت هذه المناطق من برامج التنمية، وباتت تواجه مشاكل متراكمة من تأخر في البني التحتية إلى البطالة الكثيفة، وخصوصا في صفوف الشباب، ونسبة التعليم الأدنى في البلاد.

وقال بينوا آزار، الباحث في المركز الوطني للبحث العلمي الفرنسي: “منذ الاستقلال بنيت كينيا على مبدأ تقسيم البلاد إلى شمال سكانه الكينيون ذوو أصول صومالية، وشطر آخر يضم كينيا المتعددة الأتنيات، ومؤخرا ومع اكتشاف ثروات نفطية وحرارية جوفية، بدأت السلطات تنفيذ برامج تنموية في المنطقة.

وقال الباحث الفرنسي: “التهميش ترك آثارا”، إذ أن التنمية رافقها وصول “أبناء أتنية الكيكويو وغيرها”، من بقية أنحاء البلاد لتمثيل الدولة، ما جعل سكان المنطقة بالكامل خارج عملية الدمج الاقتصادي.

ومنذ عقود، يترافق هذا التهميش مع تمييز وتشكيك متبادل، فمنذ الاستقلال في 1963 شهد تاريخ المنطقة نزاعات وحركات انفصالية وقمعا، وعند الاستقلال ناضل سكان الشمال الشرقي من اجل إلحاقهم بالصومال، وقمعت نيروبي النزعات الانفصالية بقسوة، وتلت ذلك مجازر تم تبريرها في معظم الأحيان بذريعة سحق نزاعات محلية، وخصوصا في واغالا في 1984، حيث قتل الجيش عددا كبيرا من أبناء الأتنية الصومالية، فيما بلغ عدد القتلى رسميا أقل من 100 بينما تقول منظمات غير حكومية إن عدد القتلى بلغ 5 آلاف.

وقالت ليسلي ليفكو، من منظمة “هيومن رايتس ووتش”، إن قوات الأمن الكينية لديها سجل مقلق في المنطقة الشمالية الشرقية منذ الستينات، وذكرت خصوصا عمليات قتل واحتجاز بطريقة غير مشروعة، وتعذيب واغتصاب وأعمال عنف جنسي، وأضافت أن الأمس يشبه اليوم.

وأدت كل الهجمات الجديدة، التي يتبناها الشباب أو تنسب إليهم، إلى قمع السكان من الأتنية الصومالية، وبشكل أعم المسلمين في بلد يشكل المسيحيون غالبية سكانه، وينطبق هذا على الشمال والشرق وكذلك في مومباسا، حيث تعرضت مساجد لمداهمات بتهمة الارتباط بالإسلاميين، ونيروبي وخصوصا في حي أيستلي الذي تعرض لحملات عدة.

والشباب الذين باتوا متجذرين في هذا البلد، لا يجدون أي صعوبة في تجنيد شبان يائسين، فأحد مهاجمي “جاريسا”، الذي عرف باسم عبدالرحيم عبدالله شاب كيني من مانديرا، ويحمل إجازة في الحقوق من جامعة نيروبي، ويبدو أن مستقبلا واعدا كان في انتظاره.

وقال الباحث المتخصص في الأمن في شرق إفريقيا، عبدالله بورو هالاكي، إن الشاب لم يكن فقيرا بالتأكيد، لكن الشرطة كانت تدقق في هويته في الشارع باستمرار.

ومنذ وقوع الهجوم، تتعرض قوات الأمن الكينية لانتقادات، باعتبارها غير مؤهلة وفاسدة، كما تستهدف الانتقادات الحكومة المتهمة، بأنها لم تأخذ على محمل الجد، الإنذارات الاخيرة، إذ ان المدرسين والسلطات المحلية يتحدثون عن حالة لا تحتمل من غياب الأمن في الشمال والشرق، ولم تستخلص العبر من الهجمات السابقة في 2014 في مانديرا ولامو، حيث سقط أكثر من 160 قتيلا، أو الهجوم على مركز، ويستغيت التجاري في نيروبي، حيث سقط 67 قتيلا على الأقل في سبتمبر 2013.

وقال بورو هالاكي: “حتى وإن لم تكن هناك طريقة للوقاية من الهجمات الإرهابية، يدل حجم اعتداء غاريسا والتحذيرات التي سبقت واستمرار هذه الهجمات، على إخفاق دولة بأكملها”، وكغيره من الخبراء، يدعو بورو هالاكي إلى وضع خطة للانسحاب من الصومال، والعمل على اجتثاث الفساد في صفوف قوى الأمن، وإجراءات لمكافحة الإرهاب تحترم حقوق الإنسان، وكل ذلك ترافقه سياسة “لمكافحة التطرف”.

وتابع أن على السلطات “ردم الهوة بين الدولة والسكان ذوي الأصول الصومالية، فاعتبار كل فرد منهم إرهابيا لا يمكن إلا أن يعزز الريبة ويزيد من غضب هؤلاء السكان.

 

 

 

 

 

الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى