الأخبار

«السيسى» يكتب لـ«وول ستريت جورنال»:

53

 

على مدار العامين الماضيين قرر الشعب المصرى استعادة التحكم فى مصيرنا كأمة، وشرع فى عملية تجديد سياسى واجتماعى واقتصادى. على الصعيد السياسى، ستمثل الانتخابات البرلمانية المقبلة فى أكتوبر ونوفمبر حدثاً رئيسياً هاماً من شأنه أن يثبت التقدم الهائل فى مصر.

من الضرورى تعميق جهود الإصلاح وإذا لم نفعل ذلك سنكون خدعنا المصريين فى المستقبل الأكثر إشراقاً الذى يستحقونه

وعلى الصعيد الاقتصادى، فإن مصر تتغلب على حالة عدم اليقين والاضطراب الماضية عن طريق وضع وتنفيذ السياسات والبرامج والمشاريع بعيدة المدى. إن الأهداف الرئيسية هى ضمان الاستدامة بعيدة المدى عن طريق تصحيح اختلالات البلاد المالية السابقة التى نتجت عن سوء توزيع الأموال، والدعم غير المستدام للطاقة، ومصادر الدخل الفقيرة، لخلق منصة تنافسية ومرنة للنمو بقيادة القطاع الخاص، واستعادة الثقة فى مناخ الاستثمار. ما تخطط له الحكومة يتضمن ما لا يقل عن إعادة هندسة الجهاز الاقتصادى فى مصر بأكمله. إن الاقتصاد، الذى لم يستخدم موارده الطبيعية والبشرية كما ينبغى لفترة طويلة جداً، يجرى إعادة هيكلته بحيث يمكن أن يصل إلى كامل إمكاناته. وفى نفس الوقت، فإن الدروس المستفادة من الازدهار الاقتصادى الأخير فى مصر، خلال منتصف العقد الأول من القرن الحادى والعشرين، يجرى تطبيقها لضمان الصمود السياسى للإصلاحات الاقتصادية. إننا نهدف للموازنة بين هدفنا لتقليل العجز الحكومى وبين التزامنا بتعزيز العدالة الاجتماعية.

إن هذا يهدف لضمان أن النمو سيفيد كل المصريين هذه المرة، وليس فقط القليل. وبالرغم من أنها ما زالت فى أيامها الأولى، فإن استجابة الاقتصاد لمبادرات سياسة الحكومة الأولية واعدة. ويقدر أن معدل النمو وصل إلى 4.2٪ فى السنة المالية الماضية التى انتهت فى يونيو، وبعد عدة سنوات كان فيها النمو السنوى نحو 2٪ فقط. إننا نهدف لتحقيق معدل نمو 5% خلال السنة المالية الحالية، مدفوعاً بزيادة الاستثمار الأجنبى المباشر وتنفيذ مختلف مشاريع الطاقة الجديدة والبنية التحتية ومشاريع الاستصلاح الزراعى، وتتضمن تحويل مليون ونصف المليون فدان من الأراضى الصحراوية القاحلة إلى أراض صالحة للزراعة، وبدء مشروع تطوير قناة السويس. إن هذا المشروع البحرى سيزيد من التجارة الضخمة والإمكانات الاقتصادية لقناة السويس عن طريق تحويل 76000 كيلومتر مربع إلى ممر صناعى عالمى يضم أربعة منافذ من الطراز العالمى، وكذلك محاور للزراعة والصناعة وتوليد الطاقة بالوسائل المبتكرة، ويُحتمل أن يولد ما يصل إلى مليون وظيفة جديدة.

لقد تجاوزت مخصصات الميزانية فى السنة المالية 2015 للصحة والتعليم دعم الطاقة للمرة الأولى منذ سنوات عديدة بفضل التغييرات السياسية الهامة، مثل تنفيذ الإصلاحات فى مجال الدعم على الطاقة وتوسيع القاعدة الضريبية. وفى الوقت نفسه، بعد تعديل أو تقديم عدد من القوانين لتعزيز بيئة الأعمال المحلية وتعزيز سيادة القانون، فتم حل ما يقرب من 300 من المنازعات مع المستثمرين الأجانب، والقضايا المتبقية جار حلها. خلال العام الماضى والأشهر الماضية سلمنا الكثير مما نحن ملتزمون به، بالرغم من الصعاب الكثيرة. كان هناك ضغط كبير على الحكومة لاعتماد نهج اقتصادى يجلب لها الشعبية، والعديد من المخاوف من أن خفض العجز الحكومى من شأنه وأد الانتعاش الاقتصادى فى مهده قبل أن يحصل على فرصة للازدهار، لكننا كنا على استعداد لاتخاذ القرارات الصعبة والمضىّ قُدماً فى الإصلاحات المتأخرة والمثيرة للجدل التى كانت الحكومات السابقة تعلم أنها ضرورية ولكنها لم تنفذها.

إننى لا أقلل من التحديات السياسية والهيكلية التى كنا نصارعها، والتى ما زالت فى انتظارنا، وإننى أتطلع إلى المساهمات التى سيقدمها البرلمان قريباً فى إعادة بناء مصر، وصياغة قوانين جديدة لتعزيز مسار البلاد نحو التنمية وتحقيق المزيد من الازدهار المشترك، ومراقبة أداء الحكومة، وتمثيل مصلحة الشعب. بالنظر إلى الأفق القريب، فإن الإصلاح الرئيسى على جدول الأعمال يتعلق بالتعديلات المقترحة على الضريبة العامة على المبيعات. إن الإصلاح المخطط له سيحرك مصر نحو نظام ضريبة القيمة المضافة الذى من شأنه، جنباً إلى جنب مع النظام الضريبى المبسط للشركات الصغيرة والمتوسطة، رفع الإيرادات وتعزيز الحوافز الاستثمارية، ما سيؤدى لتعزيز النمو وخلق فرص العمل وتحسين التدفق النقدى فى الشركات.

إن الانتقال ليس من السهل أبداً، إن خلق نموذج جديد للنمو الاقتصادى حتماً يولد مقاومة من بعض الجماعات، ومع ذلك، فإن هذا لن يثنينا عن عزمنا على مواصلة الإصلاحات. لقد مهدنا الطريق لتحقيق الانتعاش الاقتصادى وحققنا قوة دافعة جيدة، ولكننا نعرف أنه من الضرورى تعميق جهود الإصلاح. إذا لم نفعل ذلك، فنحن نخاطر بفقدان المصداقية والثقة التى حصلنا عليها حتى الآن وسنكون خدعنا المصريين عن المستقبل الأكثر إشراقاً الذى يستحقونه.

الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى