شائعة تحولت إلى فتنة..

 

 

 

 

لم تكن ليلة الجمعة 20 مايو 2016 عادية لأهالى المنيا، خاصة أبناء قرية “الكرم”، التى تبعد مسافة 4 كيلو مترات عن مدينة الفكرية، مركز أبو قرقاص.

شهدت قرية الكرم حالة من الرعب بعد قيام نحو 300 شخص خرجوا فى الثامنة مساءً يحملون أسلحة متنوعة، بالتعدى على 7 من منازل المسيحيين، حيث قاموا بسلبها وتحطيم محتوياتها وإضرام النيران فى بعضها، كما قاموا بتجريد سيدة مسيحية مسنة تدعى سعاد ثابت من ثيابها هاتفين ومشهرين بها أمام الحشد الكبير بالشارع، حسبما أكد بيان مطرانية المنيا.

بدأت الأحداث المؤسفة بعد شائعة علاقة بين مسيحى ومسلمة، وقد تعرض المسيحى، ويدعى أشرف عبده عطية، للتهديد مما دفعه لترك القرية، بينما قام والديه بعمل محضر، قبل الواقعة بيوم، بعمل محضر بمركز شرطة أبو قرقاص، يبلغان فيه بتلقيهما تهديدات، وبأنه من المتوقع أن تنفذ تلك التهديدات فى اليوم التالى..

أسقف المنيا ينفى

نفى الأنبا مكاريوس، أسقف المنيا وأبو قرقاص، ما تردد عن وجود علاقة غير شرعية بين مسلمة ومسيحى بقرية الكرم بمركز أبو قرقاص، قائلًا: “لا يوجد دليل على علاقة آثمة بين الطرفين”.

وأوضح الأنبا مكاريوس، فى تصريحات له، أنه اضطر لإصدار بيان توضيحى بسبب ما تردد على وسائل التواصل الاجتماعى بين أبناء القرية، ووضع حدًا للشائعات التى يتداولها الشباب فى قرية الكرم.

وانتقد أسقف المنيا وأبو قرقاص تباطؤ قوات الأمن فى التدخل لفك الحصار عن منزل المواطن المسيحى، قائلًا: “الأمن لم يتخذ أى إجراءات وقائية لحمايتنا من المجموعات المسلحة التى قامت بعمليات نهب وسرقة بالمنيا”.

وتابع: “نثق فى القضاء والقانون ويجب اتخاذ الإجراءات الرادعة، لأننا لسنا فى غابة ولا نعيش فى حياة قبلية، لا بد من احترام دولة مؤسسات”.

الأنبا مكاريوس

محافظ المنيا: «لم يحدث»

فى المقابل، أكد اللواء طارق نصر، محافظ المنيا، أنه لا صحة لما تردد عن وجود علاقة غير شرعية بين مسلمة ومسيحى بقرية الكرم بمركز أبو قرقاص، قائلًا: “كلها شائعات غير صحيحة لم تتحقق.. والإخوان يجعلون الصغائر كبائر”.

وشدد نصر، على عدم وجود أى خلاف طائفى بمركز أبو قرقاص، مشيرًا إلى أن أى خلاف طائفى يتم إزالة أسبابه فورًا، وأن بيت العائلة يسعى دائمًا لاحتواء الخلاف بين المسلمين والأقباط.

وأشار إلى أن قوات الأمن لم تتأخر عن التدخل لحل الأزمة، موضحا أن الشرطة ألقت القبض على عدد ممن حاصروا منزل المواطن المسيحى.

وعلق محافظ المنيا على الروايات المتداولة عن تجريد سيدة مسيحية من ملابسها خلال الاشتباكات بقرية الكرم، قائلا :” لم يحدث ذلك، ربما تكون السيدة هرولت بملابس داخلية ” قميص نوم” لحظة حصار المنزل القبطى من بعض الخارجين عن القانون”.

محافظ المنيا

موجة غضب بسبب الواقعة

وبعد تلك الواقعة وتصريحات محافظ المنيا انتشرت موجة غضب بين المصريين على مختلف وسائل التواصل الاجتماعى.

وقال الكاتب الصحفى، خالد صلاح، إن ما جرى فى المنيا حادثة شرف وجريمة جنائية وليست فتنة طائفية أو دينية، ويجب عقاب الجناة ويجب أيضاً ضبط مصطلحات توصيف الحادث كى نحاصر المزايدات.

أضاف، أن التحقيقات فى المنيا يجب أن تمضى فى هذا المسار ويجب عدم التسرع فى تبنى الشائعات الطائفية، قائلًا: “انتوا عارفين إن فيه ناس عاوزة الموضوع يولع”.

وقال المحامى خالد أبو بكر: “الجريمة التى وقعت فى المنيا ضد بعض إخواننا وأهلنا، هى عار على الإنسانية كلها.. ومرتكبها قذر جاهل أحمق.. ولابد من تطبيق القانون فورا وبشده عليه”.

وقال الفنان نبيل الحلفاوى: “أحداث المنيا إن لم تتم مواجهتها بمنتهى الحزم، ستكون عارا علينا كمصريين شعبا وقيادة أمام العالم، والأهم أمام أنفسنا”.

دشن نشطاء موقع التواصل الاجتماعى “تويتر” هاشتاج “الست دى أمى” تعبيرًا عن حزنهم لما حدث للسيدة سعاد ثابت، وتفاعل النشطاء مع الهاشتاج، معربين عن غضبهم بسبب ما حدث للمسنة.

أسقف المنيا يقابل الضحية

التقى الأنبا مكاريوس، أسقف المنيا السيدة سعاد، والتى قالت للأنبا مكاريوس إنها لم تعرف من هى السيدة التى سترتها وقامت بتغطيتها وهى عارية بين أزقة القرية، وقال الأنبا مكاريوس لها قول السيد المسيح “طوبى لكم إذا طردوكم وعايروكم من أجل اسمى”، واعتبرت الأم سعاد لقاء الأسقف تكريمًا لها بعد الإهانة التى تعرضت لها.

أهل الكهف

وصف المفكر القبطى كمال زاخر، تصريحات اللواء طارق نصر، محافظ المنيا، بخصوص واقعة تجريد مسنة من ملابسها والتشهير بها فى شوارع المنيا، بـ”الغريبة”.

وقال زاخر، فى تصريحات خاصة لـ”مبتدا”، إن محافظ المنيا يمثل المدرسة القديمة فى إدارة الأزمات، قائلًا: “وبالتالى فهو ينكر ما حدث فقط.. ويرمى الكرة بعيد عن ملعبه”.

وأوضح أنه من المفترض أن تتغير تلك المدرسة بعد ثورتى 25 يناير و30 يونيو.

كما أشار إلى أن واقعة المنيا تم توضيحها ببيان مطرانية المنيا، والأنبا مكاريوس، أسقف المنيا قابل السيدة سعاد ثابت فى مكتبه واعتذر لها، موضحًا أن الأمر ليس له علاقة بمسيحيين ومسلمين، وشدد على التفاعل الشعبى القوى مع الواقعة على مواقع التواصل الاجتماعى، لأن هذه الواقعة خارج نطاق القيم المصرية عمومًا.

وأكد أن تصريحات محافظ المنيا غير متسقة مع الواقع، قائلًا: “جاى من أهل الكهف.. ولم يعش التغيرات التى حدثت فى مصر، وأتمنى أن تكون هذه الواقعة بداية لنسق جديد للتعامل مع تلك الأزمات”.

بيان تواضروس

أعلن الأنبا مكاريوس، أنه يتواصل مع البابا تواضروس، بشأن قضية السيدة التى تعرضت للاهانة بالمنيا، وقال الأنبا أن البابا يتابع عن كثب ما جرى للسيدة القبطية فى حادث المنيا، ويطمئن من النمسا على حالتها الصحية والنفسية.

ودعا البابا تواضروس، فى بيان له، إلى غلق الطريق على من يحاولون المتاجرة بالحدث لإشعال الفتنة الطائفية، مطالبا الجميع بالتحلى بضبط النفس والعيش المشترك، موضحا أنه يتابع تطورات الوضع مع المسؤولين فى الدولة، الذين أكدوا أن صيانة شرف الأم المصرية من واجباتهم جميعًا، مؤكدًا إنه يتابع أيضا أوضاع المتضررين من الأحداث.

تواضروس

 

 

 

 

 

 

مبتدا