الأخبار

سجينات الفقر

37

«النسوان ميتسجنوش. السجن للرجالة بس، متخافيش أومال!» وتصدق المرأةُ التعسة و«متخافش». وتعترف على نفسها بجريمة لم تفعلها، وتقرُّ بأن هذه المخدرات، أو قطعة السلاح، تخصّها، لتنقذ زوجها أو شقيقها أو أيًّا كان «الذكر» المجرم الذى أقنعها بأن «لا سجن لامرأة»!

حالات موجودة فى سجن النساء ممن وقعن ضحايا الهيمنة الذكورية التى يمارسها رجلٌ لاستغلال امرأته لتدفع ثمن جرائمه. أسميهن: «سجينات الجهل»، لأنه الأداةُ التى توسّلها مجرمٌ لإيقاع فريسته. وثمة نماذجُ أخرى وراء القضبان من ضحايا العوز، أسمتهن الكاتبة الصحفية نوال مصطفى: «سجينات الفقر»، ثم تطور المصطلح فيما بعد إلى: «الغارمات»، وأرى أن التعبير الأول أقوى، لأنه يحمل المعنى المزدوج: سجيناتٌ بسبب الفقر، وفى الوقت نفسه هن أسرى الفقر والعوز؛ فإنما ألقت بهنّ وراء القضبان جنيهاتٌ شحيحاتٌ لا يملكنّها لسداد قسط ثلاجة أو بوتاجاز!

كانت «أميمة» أول سجينة تحرِّرها الأستاذةُ نوال عام ٢٠٠٧، بعدما دفعت عنها مبلغ الدَّين، وبعدها توالت السجينات المُحرّرات حتى تخطين ١٥٠ سجينة؛ خرجن للنور على يد الجمعية التى أنشأتها الأستاذة نوال منذ عشرين عامًا: «جمعية رعاية أطفال السجينات»، تلك لم تكتف بدورها الطوباوى مع السجينات، بل تخطّته لأطفالهن الذين يولدون ويعيشون سنواتهم الأولى فى عتمة السجون دون جريرة، اللهم ما جنت أمهاتهم. فتقدّم الجمعية الدعمَ النفسى والمادى والتربوى والطبى لأولئك الأبرياء. ولأنها ربّةٌ من ربّات الثقافة والتنوير، أدركت الأستاذةُ الجميلة أن السمكة تُشبع لحظةً، أما الصيد فهو تأميُن مستقبل، لهذا تقيم ورشًا فنية للسجينات الموهوبات ليقدمن إبداعهن من نحت ورسم وغيرهما، وورشًا تعلمهن مهنًا يعشن منها بعد خروجهن.

تلك خطّتها المستقبلية، لإنشاء مشروع «حياة جديدة» يهدف إلى مساعدة خريجات السجون لكيلا تنغلق أمامهن أبواب الرزق فيقعن فريسة الاستدانة، ثم السجن من جديد. ويعمل المشروع على تهيئتهنّ نفسيًّا ليندمجن فى الحياة السوية كمواطنات صالحات، وتهيئة المجتمع لقبولهن فلا يلفظهنّ.

 لتكن زكاةُ فِطرنا لجمعية رعاية أطفال السجينات على حساب 170924، بنك المؤسسة العربية المصرفية ABC Bank، لمحو دمعة خوف أو مرض أو جوع أو انكسار على وجه طفل تعس، ومساعدة أم تائبة لا تريد أن تخطئ من جديد. فإن تبرعتَ، حددْ مسار مالك أين تود إنفاقه: شراء أغذية وألبان، أم علاج أطفال مرضى، أم إخراج سجينات غارمات، أم رعاية سجينات لا يزورهن أحد، أو مُفرج عنهن لا يجدن مورد رزق.

تحية احترام للسيدة الكريمة التى جعلت من قلبها واحة محبة واحتواء لنساء نبذهن المجتمع، ولفظهن الناسُ فرموا أحجارهم، وليس بين الرُّماةُ مَن بلا خطيئة.

المصرى اليوم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى