الأخبار

أيمن الظواهري يكتب “الحصاد المر؛ الإخوان المسلمون في ستين عاماً”

427255_334405629987434_2002690533_n

الحصاد المر؛ الإخوان المسلمون في ستين عاماً”

 

 

 

 

الحصاد المر؛ الإخوان المسلمون في ستين عاماً

[الكاتب : أيمن الظواهري]
الفصل الأول؛ الإخوان والملك: (1) إظهار التأييد للملك في صحف الإخوان ورسائلهم والعديد من مواقفهم

لم يَكُفّ الإخوان عن إظهار تأييدهم للملك منذ أن كونوا جمعيتهم في الإسماعيلية رغم ما دبره الملك ضدهم.

وعن بداية هذه العلاقة، يذكر الشيخ البنا في مذكراته أنه في فترة وجود الجماعة بالإسماعيلية وشى به البعض لدي السلطات واتهموه بالسب في الذات الملكية، وثبت من التحقيق بطلان التهمة وأن البنا كان يملي على طلبته موضوعات في الثناء على الملك ويعدد مآثره، كما أنه دفع العمال يوم مرور الملك بالإسماعيلية إلى تحيته، وقال لهم: (لازم تذهبوا إلى الأرصفة وتحيوا الملك، حتى يفهم الأجانب في هذا البلد أننا نحترم ملكنا ونحبه، فيزيد احترامنا عندهم)، وكان ذلك دافعاً لأنّ يكتب أحد رجال البوليس تقريراً بهذه المناسبة يقترح فيه تشجيع الحكومة للجماعة وتعميم فروعها في البلاد، لأن في ذلك “خدمة للأمن والإصلاح” [21].

أما عن دعوة الخلافة؛ فإن جريدة “الإخوان المسلمين”قد نادت بها لفاروق في محاولة استغلال ما بدا من ميل لديه للدين لصالح دعوتهم [22]، وقد طالب كثير من الحكام المرتدين بالخلافة الإسلامية لأنفسهم بعد إلغاء الخلافة العثمانية رسمياً عام 1924، كان منهم الملك فؤاد ثم ابنه فاروق وكلاهما كان يحكم بمقتضى دستور 1923 العلماني.

وأمام ازدياد نشاط المبشرين وقعت الجماعة خطاباً إلى الملك فؤاد سنة 1933 تطلب فيه وضع حد لهذا النشاط، واختتمت نداءها بكلمة: (لا زلتم للإسلام ذخرا، وللمسلمين حصنا) [23].

وعندما مات فؤاد رثته صحيفة “الإخوان” بمقال بعنوان؛ “مات الملك… يحيا الملك”، كان الغرض من ورائه هو جذب عطف ولي عهده الملك الجديد – فاروق – الذي كان يتولى رعايته رجل ديني هو الشيخ المراغي، على أسلوب الجماعة ودعوته للتمسك بالتقاليد الإسلامية التي كان – كما ذكر المقال – يتحلى بها والده [24]، وكما والت الصحيفة نشر عدة مقالات تدور حول هذا الغرض تصف فيها فاروق: (بسمو النفس وعلو الهمة وأداء فرائض الله واتباع أوامره، واجتناب نواهيه) [25].

وتحت عنوان “جلالة الفاروق؛ المثل الأعلى لأمته”، تولت جريدة “الإخوان المسلمين”مهمة تعبئة الرأي العام ولفت نظره إلى خطوات فاروق الدينية، فتبين كيف ملك قلوب رعيته بغيرته على الدين، وتصف استقبال الجماهير له وهو في طريقه إلى مسجد أبي العلاء لتأدية الصلاة ودعواتهم له وهتافاتهم بحياته، وتنقل بعض اللقاءات وتأتي بالقصص التي تنم على أن هناك الأبناء الفاسدين قد قوموا وعرفوا طريق المساجد وانصرفوا إليها، والسبب أنهم اتخذوا من الملك الأسوة الحسنة، وبالتالي اعتبرته المثل الأعلى لأمته [26].

ويكتب حسن البنا تحت عنوان “حامي المصحف”، ليثبت المعنى وينشر الدعوة، فيذكر؛ أنه أثناء رحلة فاروق للصعيد أخرج أحد المرافقين له فصاً أثريا وقال؛ “إنه الذي يجلب له الحظ والخير”، وأخرج آخر مفتاحاً وادعى مثل هذه الدعوى، فما كان من فاروق إلاّ أن أخرج مصحفاً، وقال: (إن هذا هو مفتاح كل خير عندي)!

ويصل زعيم الإخوان إلى أنه إذا كان قد ضم القرآن إلى قلبه ومزج به روحه، فإنه لا يخدم نفسه في الدنيا والآخرة فحسب ولكنه بذلك يضمن لمصر؛ (حسن التوجيه، ويحول بينها وبين العناد ويقيمها على أفضل المناهج، ويسلك بها أقرب الطرق إلى كل خير، وهو في الوقت نفسه يضمن ولاء أربعمائة مليون من المسلمين في آفاق الأرض وتشرئب أعناقهم وتهفوا أرواحهم إلى الملك الفاضل الذي يبايعهم على أن يكون حامي للمصحف، فيبايعونه على أن يموتوا بين يديه جنوداً للمصحف، وأكبر الظن أن الأمنية الفاضلة ستصير حقيقة ماثلة، وأن الله قد اختار لهذه الهداية العامة الفاروق، فعلى بركة الله يا جلالة الملك ومن ورائك أخلص جنودك) [27].

وفي التاسع والعشرين من يوليو/1937 انتهت الوصاية على فاروق، حيث بلغت سنه ثمانية عشر عاما قمرية، وأصبح ملكاً رسمياً على البلاد، وعقد الإخوان مؤتمرهم الرابع للاحتفال بهذه الذكرى وحشدوا عشرين ألفاً أو يزيد – تشاركهم جماعة الشبان المسلمين – من فرق الرحالة – الجوالة – ووفود شعبهم في الأقاليم وهتفوا بمبايعتهم للملك المعظم مع هتافات إسلامية، ولم يحدث ما يعكر صفو المظاهرات، وانهمر سيل الإخوان إلى ساحة قصر عابدين، رافعين أعلامهم يهتفون: (الله أكبر، ولله الحمد، الإخوان المسلمون يبايعون الملك المعظم، نبايعك على كتاب الله وسنة رسوله) [28].

وجاء زواج الملك سنة 1938 ليحدث ما يعكر صفو العلاقات بين جماعة الإخوان والملك، فقد اعتكفت عن المشاركة في حفل الزواج لما حدث به من اختلاط ورقص وخمور في وقت ينادونه فيه بأمير المؤمنين، وألقت اللوم في ذلك على الشيخ المراغي وطالبته بالحرص على اللقب وحض الملك والحكومة على تطبيق شريعة الإسلام، لكن الجماعة مع ذلك أعلنت عن عدم تخليها عن تأييد الملك والسعي معه لتحقيق أمنية الخلافة، وأعلنت صحيفتهم إنهم يهبونه الروح [29].

ونشرت جريدة الإخوان في هذه الفترة عدة مقالات لكتاب تابعين للملك وقد لقب أحدهم نفسه بـ “المحرر العربي بالديوان الملكي الإسلامي” [30].

وكان الإخوان قريبي عهد بالخروج إلى المعترك السياسي، فدعوا إلى إلغاء الأحزاب السياسية واستعدوا لخصومتهم لكنهم في الوقت نفسه أكّدوا استمرار علاقتهم بالقصر الذي لقي في دعوتهم استحسانا لما ستؤدي إليه من توسيع سلطانه، فتنشر “جريدة النذير” في عددها الأول ما يؤكد ذلك، حيث يقول البنا في نهاية المقال الإفتتاحي: (وإنّ لنا في جلالة الملك المسلم أيده الله أملاّ محققاّ) [31].

ومن الملاحظ أنه في الوقت الذي ساءت فيه علاقة فاروق بوزارة محمد محمود، انقلب الإخوان عليها، وكان واضحاً تعاطفهم مع علي ماهر ورغبتهم في توليه السلطة، واعتبروا أن السبيل للحكم الصالح إلغاء الأحزاب.

ويكتب حسن البنا في النذير مقالا بعنوان “إلى مقام صاحب الجلالة الملك فاروق الأول”، يرفع فيه المرشد العام الرجاء للملك بناء على الجهر بالحق وتقديم النصيحة، بين حاجة مصر إلى الوحدة والاستقرار، ويمس الوتر الحساس لدي فاروق، فيشير إلى أن مصر زعيمة للعالم الإسلامي، وعليه لا بد أن تكون القدوة، والإسلام لا يعرف الفرقة ولا يقر الخصومة والتمزق ويستشهد بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية [32].

وتغالي جريدة “الإخوان المسلمين”في مدح فاروق، بل قد وصل الأمر بالصحيفة إلى التغني بمكارمه والإشادة إلى تأثر رجال الوعظ والإرشاد به، وقولهم الشعر فيه، رغم أنهم لا يصوغونه إلاّ لدافع قوي يتصل بمهمتهم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، هذا الشعر الذي يعبر عن رجاء أن يُظل التاج المصري يوماً الأمم العربية والأعجمية ويستعيد الإسلام مجده، وتنتهي إلى أن الإخوان المسلمين يعقدون الآمال على الملك في خدمة الإسلام والمسلمين [33].

وفي ذكرى عيد الجلوس الملكي، رددوا يمين الولاء لفاروق في ميدان عابدين؛ (نمنحك ولاءنا على كتاب الله وسنة رسوله) [34].

وتحت عنوان “الفاروق يحيي سنة الخلفاء الراشدين”، لا تعتبره “النذير” مجرد خليفة، ولكنها أصرت على أنه يحيي سنة الخلفاء الراشدين، وذلك على إثر خطبته في رمضان والتي حملت بين طياتها الترضية للجماعة فيما يختص بالسعي لخير مصر والأمم الإسلامية [35].

ويلاحق الإخوان تحركات فاروق، فحين يتقرر عودته إلى القاهرة، يصدر “مكتب الإرشاد العام” أمره إلى جميع الفروع في الأقاليم، ليصطف الأعضاء بأعلامهم وجوالتهم على المحطات التي يقف فيها القطار الملكي، “لأداء فروض الولاء والاحتفاء بالطلعة المحبوبة” [36].

ويكتب حسن البنا تحت عنوان؛ “ملك يدعو وشعب يجيب، إلى جلالة الملك الصالح فاروق الأول من الإخوان المسلمين”، مواصلا جهوده ليعتمد فاروق على الجماعة، فيرفع إليه صورة من المظاهر التي لا تتفق مع الإسلام من بؤر الخمور ودور الفجور وصالات الرقص وأندية السباق والقمار والمرأة السافرة المتبرجة، وكيف أن حدود الله معطلة، ويطلب منه أن يصدر أمراً ملكياً بألاّ يكون في مصر المسلمة إلاّ ما يتفق مع الإسلام؛ (فإنه مائة ألف شاب مؤمن تقي من شباب الإخوان المسلمين في كل ناحية من نواحي القطر، ومن ورائهم هذا الشعب، كلهم يعملون في جد وهدوء ونظام يترقبون هذه الساعة… إن الجنود على تمام الأهبة، وإنّ الكتائب معبأة وقد طال بها أمد الانتظار) [37].

فانظر كيف جعل البنا أتباعه جنوداً لملك كافر!

ويأتي حادث 4/فبراير/1942 – وفيه فرض الإنجليز على الملك أن يولي الوزارة للـ “وفد” بقوة السلاح – وتزداد كراهية الإخوان للـ “وفد”، ولكن الملك لم يسترح لحسن البنا الذي استخدم سياسة منتصف العصا بين “الوفد” والملك، وادرك فاروق ذلك، ومن ثم تصرف المرشد العام بسرعة، وبإعادة إصدار صحيفة “الإخوان” في 29/أغسطس/1942، يتصدر الغلاف صورة فاروق وفي يده المسبحة.

ويذهب وفد برئاسة حسن البنا إلى قصر عابدين لرفع هذا العدد “إلى صاحب الجلالة الملك المحبوب أيده الله”، وتتكرر نفس الصورة مرة ثانية مع الاحتفال بعيد الهجرة، ومرة ثانية وهو ملتح وكتب تحتها “القدوة الصالحة” [38]، وراحت بعض الأقلام تسطر عن تاريخ محمد علي ومآثره [39].

ويرأس حسن البنا وفداً من “المركز العام” ويسافر به إلى “القصاصين” عقب حادثة الملك، وتنتقل إليها وفود من شعب الأقاليم وفرق الجوالة وتصفهم صحيفة “الإخوان” بأنهم؛ “يحدوهم جميعا شعورهم نحو مليك البلاد حفظه الله وعجل له بالعافية وسرعة الشفاء” [40]، وتشيد بفاروق عندما ترك الاحتفال بعيد ميلاده وذهب إلى الصعيد “يواسي المنكوبين منه ويزور الفقراء المعدمين ويصلهم بعطفه وبره” [41].

بهذه الصورة أثبت الإخوان ولاءهم للملك، حرصاً منهم على المحافظة على الأرض التي اكتسبوها، وإيماناً بأن الحكومات غير مستقرة ولكن العرش ثابت [42].

وبإقالة الوزارة “الوفدية” تغير الوضع، ولم يعد هناك تنازع بين الملك وحكومته، وكان على الإخوان الانعطاف كلية نحو القصر والحصول على المساندة الملكية، وراحت صحيفة “الإخوان” تظهر رياءها للملك، فتنتهز فرصة عيد ميلاده 1945 فيحمل غلافها صورته [43]، وتسطر بأن عيد الملك هو عيد الشعب، وأن الحب الذي يكنه له هذا الشعب لم يمنحه لغيره من قبل [44]، ويشيد حسن البنا في مقاله “رحلة الحجاز” بالمقابلة بين فاروق وابن سعود، ويبعث ببرقية باسم الإخوان إلى رئيس الديوان لرفعها للملك يهنئه فيها بسلامة العودة وأنه؛ “يعز الإسلام والعروبة بالفاروق العظيم” [45].

وفي عريضة بعث بها حسن البنا إلى الفاروق في نهاية يونيو/1945 يطالبه بإلغاء الأحكام العرفية ويختمها بقوله: (وهي فرصة سانحة لمصر الحديثة تحت لواء الفاروق أن تنهض من جديد بعبء الرسالة الإسلامية المشرقة) [46].

وفي حديثها عن سياسة فاروق العربية تشيد صحيفة “الإخوان” بهذا وتقول: (إن هذه الصلات الكريمة بين جلالتكم وبين ملوك العرب وامرائهم ورؤساء حكوماتهم لتعتبر قوة كبرى) [47].

وبمناسبة لقاء فاروق بابن سعود تشيد بجهود الأول في تدعيم النهضة الإسلامية وبناء الجامعة العربية، وتتصدر صوره مع الضيوف العرب صفحاتها [48].

وبمناسبة تولى صدقي للوزارة يقف زعيم الإخوان في الجامعة ليوجه الشكر للملك على استقالة النقراشي ويشيد برئيس الوزراء الجديد [49].

وتمضي صحيفة “الإخوان” في طريقها، فيبعث المرشد العام برسالة إلى الملك، عندما بدأت المفاوضات – مفاوضات الجلاء بين صدقي والإنجليز – مشيراً إلى أنه معقد الآمال والرجاء [50].

واستمرت المجلة على نهجها واحتلت صور فاروق أغلفتها، وهو قائم يصلي وهو يستمع إلى آيات الذكر الحكيم وهو يحتفل بالمناسبات الدينية، وتقيم فرق الجوالة الاحتفالات بالمناسبات الملكية، ويخطب المرشد العام ليهنئ ويدعو أن يعز بالفاروق الإسلام [51].

وقامت حرب فلسطين، فتنشر صحيفتهم صورة فاروق بملابسه العسكرية، وتتبع حركاته في الجبهة ولقائه بالعسكريين وحديثه معهم، وزيارته للجرحى في المستشفيات العسكرية [52].

وتكتب بمناسبة ذكرى تولى فاروق سلطاته الدستورية تقول: (إذا كانت الأحداث الماضية وعلى رأسها الحرب ثم يوم 4/فبراير المشؤم قد أظهرت وطنية الملك المفدي في أحلى صورة، فقد كللت معركة فلسطين هامته بفخار تزهو به مصر ويباهي به التاريخ، قدنا يا مولاي ما شئت، فالأمة من ورائك والله من حولك خير حافظ وأقوى معين) [53].

هذا في الوقت الذي كان فيه فاروق متورطاً في قبض عمولات من صفقة الأسلحة الفاسدة للجيش المصري بفلسطين وكانت القضية منظورة أمام المحاكم، وكان فاروق في هذا الوقت – منتصف 1948 – قد بلغ الغاية في المجون والفجور وقد شاعت فضائحه الاخلاقية في شتى أنحاء مصر،

ويرسل حسن البنا على صفحات النذير في 8/المحرم/1358 هـ هذه الرسالة إلى فاروق التي وصفتها “مجلة الدعوة” فيما بعد بـ “الكلمات الخالدة”: (اعتقد يا صاحب الجلالة أن الإخلاص للإسلام والعرش والوطن يفرض على أن أضع تحت نظركم السامي صورة مصغرة جداً من المظاهر العجيبة التي تتنافى مع الإسلام).

ثم يقول أيضاً: (يا صاحب الجلالة، حدود الله معطلة لا تقام وأحكامه مهملة لا يعمل بها في بلد ينص دستوره على أن دينه هو الإسلام).

ويسترسل في وصف المفاسد ثم يختم رسالته بقوله: (قلها كلمة منقذة، واصدره أمراً ملكياً كريماً، ألاً يكون في مصر المسلمة إلاّ ما يتفق مع الإسلام) [54].

ولا تنسى “مجلة الدعوة” تهنئة فاروق بعيد جلوسه على العرش فعلى غلاف العدد 15 تظهر صورة الملك في وسط الصفحة وبجانبها كتبت المجلة: (عيدان سعيدان، احتفل يوم الأحد الماضي في جميع أنحاء وادي النيل بعيد جلوس حضرة صاحب الجلالة الملك فاروق الأول على عرش أجداده العتيد… كما احتفل بزواج جلالته بحضرة صاحبة الجلالة الملكة ناريمان… و “الدعوة” إذ تتقدم بعظيم التهنئة بالعيدين، تبتهل إلى الله العلى الكبير أن يحفظ ذات الملك وأن يجعل أيامه كلها أعياد سعيدة وأن يعزه بالإسلام ويعز الإسلام به) [55].

في الوقت الذي كانت المظاهرات تهتف ضد مباذل فاروق، حتى لقد هتفت الجماهير عندما طلق زوجته الأولى: (خرجت الطهارة من بيت الدعارة).

ولكن “مجلة الدعوة” أيضاً في السنة التالية لم تفوت فرصة عيد الجلوس الملكي، ففي العدد 64 وقبيل انقلاب يوليو بحوالي شهرين ونصف تظهر صورة فاروق على الصحفة الأولى وبجانبها كتبت المجلة: (عيد الجلوس الملكي، تحتفل مصر اليوم بعيد جلوس حضرة صاحب الجلالة فاروق الأول ملك مصر والسودان على عرش آبائه وأجداده، ونحن إذ نرفع إلى مقام صاحب الجلالة الملك وإلى الأسرة المالكة الكريمة أجل تهانينا… ندعو الله مخلصين أن يجيء هذا العيد الميمون في العام المقبل ووادي النيل يرفل في حلة قشيبة من حلل الحرية الحقة والاستقلال الكامل والوحدة المنشودة) [56].

ولكن المولى جلت حكمته لم يستجب دعاءهم، فلم يأت هذا العيد الميمون في أي عام تال، وحلت محل صور فاروق صورة محمد نجيب على عدد خاص أصدرته “الدعوة” عن حركة الجيش [57].

أما حسن الهضيبي؛ ففور تعيينه مرشداً عام يذهب إلى قصر عابدين في 14/11/1951 ليوقع في سجل التشريفات، مظهراً تأييده وطاعته لقاتل شيخه، ويصحبه في ذلك لفيف من قادة الإخوان ونشرت “صحيفة الجمهورية” صورة موثقة من التوقيعات [58].

وتشكك د. لطيفة محمد سالم في أن كل من كتب اسمه قد صاحب المرشد نتيجة الصراع داخل الإخوان حول هذا التصرف، ولكنها تؤكد أن المرشد قد ذهب ومعه بعض القيادات [59].

أمّا عن زيارة حسن الهضيبي للملك في 20/11/1951 فسنفرد لها فقرة خاصة لأهميتها، ولكننا نسجل هنا أن حسن الهضيبي قد زار قصر عابدين فيما نعلم ثلاث مرات – إن لم يكن أكثر – ليوقع في سجل التشريفات، مرة عند تعيينه وقد ذكرناها.

والمرة الأخرى في 16/1/1952 يتوجه للقصر مهنئاً بمولد ولي العهد، في وقت كانت الجموع تهتف في الشوارع ضد فاروق، وضد فساده.

والمرة الثالثة؛ يوقع في سجل التشريفات في 25/5/1952 رافعاً ولاءه مستنكرًا هذه الصيحات التي تعالت ضد الأعتاب السامية، مبرئاً الإخوان من الاشتراك في مثل هذه الأعمال [60].

ومن الطريف أن أحد كتاب الإخوان، وهو فريد عبد الخالق بعد كل هذا يقول: إن الهضيبي؛ (كان الوحيد بين الزعماء السياسين الذي لا حاجة به إلى مصانعة الملك) [61]؟

وأختم هذه الفقرة بكلمتين لعمر التلمساني، لا أظنه يحترم فيهما ذهن القارئ، ويدخلان تحت قول المتنبي: 

وكم ذا بمصر من المضحكات ولكنه ضحك كالبكا


أما الأولى فيقول عن فاروق: (واستقبله الإخوان استقبالاً باهراً، لا ليظهرواً قوتهم أمامه، ولكن ليعربوا عن فرحتهم به، وليعلم أن القوة والمنعة في الإسلام) [62]!

أما القول الثاني فقوله: (من يدري لو لم تقم حركة الإخوان المسلمين في مصر عام 1928 ماذا يكون الحال أيامنا هذه؟! كان الملك فاروق رحمنا ورحمه الله مستقراً على عرشه تسنده قوة الجيش والشرطة) [63].

وسوف يرى القارئ فيما بعد؛ كيف يوزع عمر التلمساني الرحمات على من حاربوا المسلمين وقتلوهم وعذبوهم، اللهم أدركنا برحمتك ولا تجعلنا مع القوم الظالمين.



[21] حسن البنا، مذكرات الدعوة والداعية، ص: 87، طارق البشري، الحركة السياسية في مصر 1945 – 1952، ص: 43.

[22] الإخوان المسلمون، 1356، 18/3/1938، الخلافة جامعة المسلمين موحدة لجهودهم.

[23] الإخوان المسلمون، العدد: 6، 27/ربيع أول/1352 – 1933، إلى جلالة الملك، بقلم توفيق علي حسن، ريتشارد ميتشيل، الإخوان المسلمون، ترجمة عبد السلام رضوان، مكتبة مدبولي 1977، ص: 46.

[24] الاخوان المسلمون، العدد: 4، 14/صفر/سنة 1355، 5/5/1936، مات الملك يحيا الملك.

[25] المصدر السابق، العدد: 6، 28/صفر/سنة 1355، 19/5/1936، الناس علي دين ملوكهم، بقلم طاهر العربي.

[26] المصدر السابق، العدد: 10، 19/ربيع أول/1355، 16/6/1936، جلالة فاروق المثل الأعلى لأمته، بقلم طاهر العربي.

[27] الاخوان المسلمون: 1356، 9/2/1937، حامي المصحف، بقلم حسن البنا.

[28] حسن البنا، مذكرات الدعوة والداعية، ص: 235 – 237، محمد حسنين هيكل، مذكرات في السياسة المصرية ج2، ص: 34، د. رفعت السعيد، حسن البنا، ص: 69، الرابطة العربية، 14/4/1937، ريتشارد ميتشيل، المرجع السابق، ص: 47.

[29] الاخوان المسلمون، الاعداد 30، 31 في 21، 28/1/1938، هدية الاخوان المسلمين إلى عرش مصر، إلى الاستاذ الأكبر؛ أهكذا تكون امارة المؤمنين؟ بقلم محمد الشافعي، القلم الصريح، 23/2/1939، مقال بعنوان: الخلافة الإسلامية، وأشارت فيه إلى أن المطالبة بالخلافة يقضي على المفاسد وعلي رأسها البغاء والخمور.

[30] الاخوان المسلمون، عدد: 59 -60، في 9/9/1938، وصاحب هذا التوقيع هو “عبد الله بك عفيفي” كما نشرت عدة مقالات عن تاريخ الإسلام والآدب الإسلامي. Christina Harris: Nationalism and Revolution in Egypt P.178.

[31] النذير، 30/ربيع أول/سنة 1357 هـ، 1/6/1938، إلى الامام دائما؛ الدعوة الخاصة بعد الدعوة العامة، أيها الإخوان تجهزوا، بقلم حسن البنا، د. عبد العظيم رمضان، تطور الحركة الوطنية في مصر 1937 – 1948 – القاهرة 1973، ص: 313، طارق البشري، المرجع السابق، ص: 48، محمد شوقي زكي، الاخوان المسلمون والمجتمع المصري، ص: 18.

[32] النذير، عدد: 2، في 6/ربيع آخر/1357، 1938، ص: 4.

[33] نفس المصدر، عدد: 42 في 26 يناير 1937، ص: 8.

[34] محمد صابر عرب: حادث 4/فبراير/1942، والحياة السياسية المصرية الطبعة الأولى دار المعارف 1985، ص: 274، ص: 275.

[35] النذير، عدد: 24، في 15/رمضان/1357، 1938، ص: 1.

[36] نفس المصدر، عدد: 30، في 4/ذي القعدة/1357، 1939، ص: 6.

[37] نفس المصدر، عدد: 2/محرم/1358، 1939، ص: 3.

[38] الاخوان المسلمون، عدد: 1، في 29/أغسطس/1942، عدد: 12/سبتمبر/1942، ص: 3، عدد: 11 في 23/يناير/1943، عدد: 14 في 20 مارس 1943.

[39] نفس المصدر، عدد: 4 في 10 أكتوبر 1942، ص: 3 – 4.

[40] نفس المصدر، عدد: 24 في 11 ديسمبر 1943، ص: 2.

[41] نفس المصدر، عدد: 29 في 26/فبراير/1944، ص: 3.

[42] د. لطيفة محمد سالم: فاروق وسقوط الملكية في مصر، 1936 – 1952، الطبعة الأولى 1409 هـ، 1989 م، مكتبة مدبولي، القاهرة، ص: 700 – 701.

[43] المصدر السابق، ص: 701، 702، 703.

[44] الاخوان المسلمون، عدد: 53 في 14/2/1945، ص: 2.

[45] نفس المصدر السابق نفس العدد.

[46] المصدر السابق، عدد: 62، في 28/يونيو/1945، ص: 4.

[47] المصدر السابق.

[48] المصدر السابق، عدد: 85 في 12/1/46، ص: 2، عدد: 86، 19/1/1946، ص: 2.

[49] كمال الدين رفعت: مذكرات حرب التحرير الوطنية بين إلغاء معاهدة 1936 والغاء اتفاقية،1954 دار الكاتب العربي للطباعة والنشر،القاهرة 1968ص 39، د. لطفية محمد سالم: المصدر السابق، ص: 705.

[50] الاخوان المسلمون، عدد: 100 في 30/4/1946، ص: 3، لطفية محمد سالم المصدر السابق، ص: 705.

[51] نفس المصدر، الاعداد 111، 114، 120، في 20/7، 10/8، 28/9/1946، الأغلفة، د. لطيفة محمد سالم: المصدر المذكور، ص: 706.

[52] الاخوان المسلمون، عدد: 200 في 22/5/1948، الغلاف، عدد: 205 في 26/6/1948، الغلاف، عدد: 673، في 8/يوليو/1948، ص: 1، عدد: 677 في يوليو/1948، ص: 2.

[53] الاخوان المسلمون، عدد: 689 في 30/7/1948.

[54] الدعوة، العدد: 41 السنة الأولى، 27/صفر/1371، 27/11/1951، ص: 7.

[55] الدعوة، العدد: 15، السنة الأولى، 8/5/1951 الغلاف.

[56] الدعوة، العدد: 64، السنة الثانية، 12 شعبان 1371، 6/5/1952، ص: 1.

[57] الدعوة، العدد: 86، 17/محرم/1372، 7/10/1952.

[58] الجمهورية، عدد: 271 في 8/9/1954، ص: 5.

[59] د. لطيفة محمد سالم، المصدر السابق، ص: 716.

[60] الجمهورية، عدد: 271، في 8/9/1954، د. لطفية محمد سالم، المصدر المذكور، ص: 720، 721.

[61] فريد عبد الخالق، الاخوان المسلمون في ميزان الحق، دار الصحوة، الطبعة الأولى 1407، 1987م القاهرة، ص: 68.

[62] عمر التلمساني، ذكريات لا مذكرات، دار الطباعة والنشر الإسلامية، 1985، ص: 154.

[63] المصدر السابق، ص: 241.



tawhed.ws | alsunnah.info | almaqdese.net | abu-qatada.com | mtj.tw | tawhed.net

* إننا – في منبر التوحيد و الجهاد – نحرص على نشر كل ما نراه نافعا من كتابات ، إلا أن نشر مادة ” ما ” لكاتب ” ما ” ، لا يعني بحال ؛ أن ذلك الكاتب يوافقنا في كل ما نقول ، و لا يعني ؛ أننا نوافقه في كل ما يقول في كتاباته الأخرى ، و الله الموفق لكل خير . * في حال عدم ظهور اسم كاتب موضوع ” ما ” بجوار عنوان موضوعه .. فإن ذلك إما لكون اسم المؤلف غير معروف لدينا .. أو أنه مذيل في نهاية الموضوع !

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى