اقتصاد

ما هي علامات تحسن الاقتصاد التي كشفها المركزي بميزان المدفوعات؟

كشفت بيانات ميزان المدفوعات عن النصف الأول من العام المالي الجاري التي أعلنها البنك المركزي الخميس الماضي، عن عدة رسائل إيجابية تعبر عن تحسن مؤشرات الاقتصاد المصري خلال الشهور الأخيرة، بدعم من إجراءات برنامج الإصلاح على مدى العامين الماضيين.

وأشار البنك في بيانه، إلى أن أبرز ما أظهرته البيانات هو “التراجع الحاد” في عجز ميزان المعاملات الجارية خلال النصف الأول من 2017-2018 والذي نتج عن تعافي ثلاثة مصادر رئيسية للدخل القومي، وهي السياحة، وتحويلات المصريين العاملين بالخارج، وصافي الصادرات السلعية.

وتزامن هذا التحسن مع زيادة معدلات النمو خلال نفس الفترة إلى 5.2%، إلى جانب تراجع العجز الكلي للموازنة في النصف الأول أيضا إلى 4.4 % مقابل 5% خلال الفترة المقارنة من العام الماضي، وذلك بعد زيادة الإيرادات (37%) بمعدل أكبر من نمو المصروفات (25%).

وقالت رضوى السويفي رئيسة قسم البحوث ببنك الاستثمار فاروس، لمصراوي، إن “إشارات البنك المركزي الإيجابية تعتبر استمرارا لنفس رسائل المؤشرات الاقتصادية الفترة الأخيرة وعلى رأسها تحسن في عجز الميزان التجاري، وزيادة التصدير، واستقرار الواردات، وتحسن السياحة والمحافظ المالية”.

وترى رضوى أن “تراجع عجز ميزان المعاملات الجارية يعبر عن تحسن كبير جدا في تدفقات مصادر العملات الأجنبية إلى جانب سيطرة جيدة على استخدامات هذه التدفقات”.

وبدأت الدولة برنامجا للإصلاح الاقتصادي خلال العامين الماضيين، حيث طبقت ضريبة القيمة المضافة، وحررت سعر الصرف، ورفعت أسعار الطاقة مرتين، وأجرت عددا من الإصلاحات التشريعية والإجرائية، بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي الذي يوفر تمويلا للبرنامج بقيمة 12 مليار دولار على 3 سنوات.

تحسن في 3 مصادر للدخل

ساهم التراجع الحاد في قيمة الجنيه أمام العملات الأجنبية بعد التعويم في نوفمبر 2016، في زيادة جاذبية السياحة والصادرات المصرية، إلى جانب عودة تدفقات تحويلات العاملين بالخارج إلى البنوك بعد أن كان جزءا كبيرا منها يذهب إلى السوق السوداء قبل التعويم.

وبحسب بيانات البنك المركزي، فإن هناك تحسنا في صافي متحصلات السفر (إجمالي إيرادات السياحة مطروحاً منه مدفوعات سفر المصريين للخارج) بنحو 4 مليارات دولار خلال النصف الأول من العام الجاري مقارنة بنفس الفترة خلال العام الماضي.

وشهدت البلاد انتعاشة في أداء قطاع السياحة، حيث حققت مصر قفزة في عدد السياح الوافدين العام الماضي بنسبة نمو بلغ 53.7% إلى نحو 8.3 مليون سائح، كما ارتفعت الإيرادات بنسبة 123.5% إلى نحو 7.6 مليار دولار، بحسب بيانات لوزارة السياحة.

إحدى إشارات المركزي الأخرى هي تحسن صافي الصادرات خلال النصف الأول من العام الماضي، حيث يعود ذلك إلى زيادة الصادرات بنسبة أكبر من زيادة الواردات.

ولم تقتصر زيادة الصادرات على صادرات البترول فقط، بل زادت الصادرات غير البترولية إلى 8.2 مليار دولار مقابل 7.5 مليار دولار خلال نفس الفترة من عام 2016-2017.

التحسن الآخر الملحوظ الذي أشار إليه البنك المركزي يتمثل في زيادة تحويلات العاملين بقيمة 3 مليارات دولار خلال النصف الأول، لتسجل نحو 13 مليار دولار.

ورغم تأثير زيادة تحويلات أرباح الشركات الأجنبية العاملة في مصر خلال النصف الأول من العام الجاري بالسلب على عجز المعاملات الجارية إلا أن رضوى السويفي ترى أن ذلك الأمر له وجه إيجابي، حيث يعبر عن حرية تحويلات الأموال إلى الخارج دون قيود وهي أحد عوامل جذب الاستثمار الأجنبي.

استثمارات الأجانب في الأوراق المالية.. هل تستمر؟

قفزت استثمارات الأجانب في الأوراق المالية خلال النصف الأول من العام الجاري إلى 8 مليارات دولار، تأثرا بزيادة أسعار الفائدة 7% خلال هذه الفترة عن ما قبل تحرير سعر الصرف.

وتوقعت رضوى السويفي أن تبقى الاستثمارات في الأوراق المالية عند مستوياتها الحالية على الأقل – في حدود 20 مليار دولار – خلال الفترة المقبلة إن لم تحدث لها زيادات.

وقالت رضوى، إن “معدلات الفائدة مازالت جاذبة للمستثمرين الأجانب مقارنة بدول أخرى رغم خفضها في منتصف فبراير، والخميس الماضي 1 % في كل مرة، كما أن معدلات المخاطرة أصبحت أقل من الفترة الماضية مع تحسن المؤشرات الاقتصادية”.

الاستثمار الأجنبي المباشر لم يتعافَ بعد

رغم تحسن المؤشرات الاقتصادية الذي كشفت عنه بيانات ميزان المدفوعات، إلا أنها أظهرت أيضا أن الاستثمار الأجنبي المباشر لم يصل بعد إلى الأوضاع الطبيعية التي يستهدف الإصلاح الاقتصادي تحقيقها.

وكشفت بيانات ميزان المدفوعات عن تراجع صافي الاستثمار الأجنبي المباشر إلى 3.8 مليار دولار خلال النصف الأول من عام 2017-2018 مقابل 4.3 مليار دولار خلال نفس الفترة من العام السابق.

ولكن رضوى ترى أن هذا التراجع له ما يبرره، حيث كان العديد من المستثمرين ينتظرون انخفاض أسعار الفائدة وإجراء انتخابات الرئاسة، إلى جانب تأخر صدور لائحة قانون الاستثمار الجديد إلى نهاية أكتوبر الماضي.

وتوقعت رضوى أن يبدأ الاستثمار المباشر في التحسن الملحوظ في نهاية العام الجاري.

وإلى جانب التحسن في تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، توقعت رضوى أيضا استمرار المؤشرات الاقتصادية الأخرى في التحسن “مع اتجاه الشركات نحو التصدير وهو ما سيرفع من حجم الصادرات، إلى جانب مشروعات إحلال الواردات التي ستساهم في خفض قيمتها، والمزيد من تحسن السياحة مع عودة السياح الروس”.

ssss

مصراوى

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى