الأخبار

ارتفاع سعر 39 دواء فى السوق واختفاء لبعض الادوية رخيصة الثمن!

83

من جديد ترفع شركات الأدوية أسعار العديد من الأدوية، ومن جديد تعاني السوق المصرية من نقص في العديد من الأدوية الهامة والرخيصة، ليعاني من جديد على إثر هذان العاملان ملايين من المصريين.

فقد أدى ارتفاع سعر الدولار الأمريكي في مواجهة الجنيه المصري إلى زيادة فورية لسعر 39 صنف من الأدوية، وترافق هذا الارتفاع مع تخفيض التصنيف الائتماني لمصر مما أدى لضرورة سداد ثمن استيراد المواد الخام الفعالة اللازمة لإنتاج الأدوية نقداً بدلاً من تسديدها خلال 6 شهور بعد الاستلام، كما اعتاد المستوردون المصريون. وهو ما أدى لتعطيل إنتاج العديد من الأدوية ونقصها في السوق المصري، ويصل عددها في أقل التقديرات – وأكثرها محافظة – إلى 70 دواء حسب تصريحات الإدارة المركزية للصيدلة بوزارة الصحة.

فضحت هذه الانتكاسات في الوضع الاقتصادي المصري الوضع المتردي لقطاع صناعة الأدوية في مصر وعدم وجود سياسات واضحة للأمن الدوائي ما بعد الثورة عدا سياسات الخصخصة وتحقيق الأرباح.

فبدايةً، بالرغم من أن صناعة الدواء في مصر تنتج بما يقدر 20 مليار جنيه، إلا أن في الواقع يتم استيراد 90% من المواد الخام الفعالة للأدوية من الخارج، وهو ما يعني أن صناعة الدواء في مصر هي مجرد صناعة تعتمد على التجميع وخلط المكونات لا أكثر، وتقع تحت رحمة السوق العالمية وتقلبات الأسعار تماماً. ثانياً: أن الزيادة الأخيرة في 39 صنف من الأدوية تتبع كلها شركات قطاع الأعمال للأدوية “الشركات القابضة الحكومية”، وقد قامت تلك الشركات برفع أسعارها بدعوى تعرضها للخسارة لبيعها الأدوية بأسعار متدنية، وهو ما قد يعرضها للمسائلة من الجهاز المركزي للمحاسبات، وذلك لأن السلطة على تلك الشركات ومصانعها الاستراتيجية ليست في الحقيقة لوزارة الصحة المصرية، أو لأي هيئة تهتم بصحة المواطنين أو توفير الأدوية الهامة والحيوية للأمراض الخطيرة أو المزمنة، ولكنها في الحقيقة تحت سلطة وزارة الاستثمار والتي لا تُعنى سوى بحسابات الربح والخسارة ودراسات الجدوى الاستثمارية.

وفي الحقيقة، وبالنظر إلى كل الهيئات الرقابية الدوائية في مصر، يمكننا ملاحظة خط متصل وواضح من التضييق وتقليل الميزانية والسلطات الرقابية الممنوحة لتلك الهيئات على شركات إنتاج الدواء. وعلى رأس هذه الهيئات، هيئه الرقابة والبحوث الدوائية التي فر معظم علمائها وكوادرها إلى الخارج من فرط التجاهل والتضييق. هذا بخلاف التدمير المتعمد لصناعة الدواء المصرية على مدى عقود وتوقف التطوير وضخ استثمارات في الأبحاث والدراسات الجديدة، وهو ما أدى لتوقف مؤسسات وطنية، كهيئة المصل واللقاح مثلاً، عن التصنيع المحلي واعتمادها على الاستيراد في توفير الأمصال واللقاحات، أو كالتدمير المتعمد لشركة النصر للكيماويات أحد معاقل تصنيع الدواء في مصر والشرق الأوسط.

وفوق هذا كله يأتي قرار ربط أسعار الدواء بالأسعار العالمية (قرار 499) وهو القرار الذي إن تم تطبيقه سيعني كارثة جديدة على ميزانية البيوت والأسر المصرية، خاصة في ظل السياسات الفاشلة للتأمين الصحي، حيث سيعني ذلك أن المواطن المصري – والذي يتقاضى متوسط أجر يقل كثيراً عن المتوسطات العالمية – سيكون عليه تحمل تكلفة الدواء بالأسعار العالمية. وفى ظل عدم القدرة على إنتاج دواء بديل محلي، سيعني ذلك احتكار الشركات العالمية للدواء للسوق المصري تماماً ووقوع المصريين تحت نيران الرأسمالية العالمية التي لا تعرف سوى لغة الأرباح.

وعلى الجانب الآخر، فبالرغم من رفع الشركات القابضة لأسعار الدواء، إلا أن تلك الزيادة لا يبدو أنها تنعكس على موظفيها، فقد ضربت موجة من الاحتجاجات والإضرابات العديد من تلك الشركات أبرزها وأحدثها كان للعاملين بشركة سيد للأدوية، حيث تجمع محتجو شركة سيد للأدوية، أمام مقر الشركة منذ أقل من أسبوعين، وقطعوا طريق الهرم، للمطالبة بمستحقاتهم المالية، ما أدى إلى حدوث شلل مروري كامل بالمنطقة. ورفع العاملون بالشركة، خلال تظاهرهم، عدداً من المطالب منها مساواتهم بالعاملين بالشركة القابضة للأدوية، في الأرباح والحوافز، وتعديل بدل الوجبة الشهرية من ٣ جنيهات لـ ٣٠٠ جنيه، وزيادة مكافأة نهاية الخدمة لتصل إلى شهرين، ورد أموال العاملين من فروق الضرائب إلى صندوق الزمالة واستبعاد رؤساء القطاعات الفاسدين والمتسببين في تدهور أوضاعها ومحاسبتهم.

في المحصلة، نرى على جانب شركات ومصانع الدواء الحكومية تنهار، وسياسات النظام في الخصخصة وفتح السوق المصري أمام حيتان الرأسمالية الأجانب لم تتغير بعد وصول الإخوان للسلطة، ونرى على الجانب الآخر مواطنين يكتوون بنيران أسعار الأدوية الباهظة، وعمال وموظفي الشركات يحتجون على سياسات الفساد والإفقار في أماكن عملهم، بدون سياسات واضحة وجهود دؤوبة ومنظمة لربط كل مناهضي الليبرالية الجديدة هؤلاء لمواجهة الهجوم القادم ستكون الصورة في غاية القتامة والإظلام لملايين من المرضى المصريين وذويهم.. التنظيم السريع لصفوف الجماهير هو الواجب الأول لكل الثوريين الآن.

المصدر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى