بالصور.. “مجلس الوزراء”.. ذكرى دامية لأحداث سحل “ست البنات” وحرق تاريخ مصر واغتيال شيخ الثوار
وعرفت أحداث مجلس الوزراء بهذا الاسم، تزامنًا مع وقوعها في محيط المجلس الكائن بقصر العيني، وسط القاهرة، والمجاور أيضا لمجلسي الشعب والشورى.
كانت مصر في هذه الآونة تعيش أسوأ حالاتها أمنيا وسياسيٍا، ما دفع المجلس العسكري آنذاك إلى محاولة فض اعتصام ميدان التحرير بالقوة، في التاسع عشر من نوفمبر من العام الماضي، تلك التي أودت بحياة نحو 30 متظاهرًا، وتسببت في اندلاع مظاهرات عارمة بميدان التحرير، انتهت بالاعتصام أمام مقر مجلس الوزراء، احتجاجًا على قرار المجلس العسكري، بتعيين د. كمال الجنزوري رئيسا للحكومة.
ونشأ الجنزوري (79 عامًا) في الشرقية، تلك المحافظة التي ولد بها الرئيس السابق حسني مبارك، الذي يقضي حاليا عقوبة السجن المؤبد في قضايا تتعلق بقتل المتظاهرين في أحداث الثورة.
بدأت أحداث مجلس الوزراء، مع فجر يوم 16 ديسمبر الماضي، عندما تم اختطاف أحد المعتصمين من قبل القوات العسكرية المتمركزة داخل مجلس الوزراء لتأمينه، والاعتداء عليه بالضرب المبرح، ثم أطلق سراحه، مما أدي إلي تأجيج الغضب وبدء المناوشات والاشتباكات بين قوات الأمن والمعتصمين.
وأصدر المجلس الأعلي للقوات المسلحة بيانًا آنذاك وضّح فيه صورة مغايرة لبداية الأحداث، وألقي باللائمة علي بعض المعتصمين لاعتدائهم علي ضابط يؤدي واجبه اليومي المعتاد في المرور على عناصر التأمين في داخل وخارج مجلس الشعب، مما أثار حفيظة عناصر الخدمة بالتدخل لفض الحدث، وانتهى الأمر إلى عودة الضابط إلى مقره بمجلس الشعب.
لم يفد بيان المجلس العسكري وقتها في تهدئة الوضع، واستمرت الاشتباكات بين كر وفر طوال يوم الجمعة 16 ديسمبر حيث استخدمت قوات الجيش خراطيم المياه والهراوات، وتبادلت إلقاء الطوب والحجارة علي المتظاهرين، مما أدى إلى إصابة عشرات المتظاهرين، وأظهرت كثير من لقطات الفيديو، قوات الجيش وهي تقوم بإلقاء الطوب والحجارة على المتظاهرين وترشهم بخراطيم المياه.
كانت حصيلة المصابين المعلنة حتي مساء الجمعة 16 ديسمبر 255 مصابًا وثلاثة قتلى، كما قتل في مكان الأحداث الشيخ عماد عفت، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، مما زاد من اشتعال الوضع وسخط كثير من القوى السياسية احتجاجا على مقتل “عفت”.
وسط هذه الأحداث اكتفى الجنزوري بعقد مؤتمر صحفي، في السابع عشر من ديسمبر، أعرب خلاله عن حزنه العميق، معتبرًا أن ماجرى يشير إلى وجود أطراف لاتريد للتحسن الأمني أن يستمر.
في ذات اليوم أصدر المجلس العسكري رسالته التي حملت رقم 90 علي موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، والتي أظهرت مقطع فيديو يوضح قيام بعض الأشخاص باقتحام مبني يعتقد أنه مبني مجلس الوزراء وتخريبه وإشعال النار فيه.
عقب فيديو “العسكري”، انتشرت علي المواقع الإخبارية صورا لفتاة أطلق عليها “ست البنات”، كان يتم سحلها وتعريتها من ملابسها كما تعرض مبني المجمع العلمي المصري إلي إشعال النيران فيه، وتم الاختلاف علي من قام بهذا الفعل، حيث اتهم الجنزوري المتظاهرين بإحراق المبني، في حين اتهم المتظاهرون بلطجية مندسين بإشعال النيران فيه بحماية قوات الجيش.
وشيع آلاف المسلمين ومعهم عدد من المسيحيين الشهيد الشيخ عماد عفت الملقب بـ”شيخ الثوار” من الجامع الأزهر، وقد أم المصلين الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية في صلاة الجنازة، وبعد انتهاء الصلاة تحولت الجنازة إلى مظاهرة غاضبة حيث هتف المشيعون داخل الأزهر “يسقط يسقط حكم العسكر”، “يسقط علماء السلطان” و”الشعب يريد إسقاط المشير”، وخرجوا في مظاهرة لتشييعه إلى مثواه الأخير، وارتفعت حصيلة الضحايا في مساء السبت 17 ديسمبر إلي 9 قتلى وأكثر من 300 مصاب من المتظاهرين و 30 جريحًا من قوات الجيش.
بعد انتهاء الجنازة ألقت القوات المسلحة القبض على 164 شخصًا، وتم إحالتهم للنيابة العامة بتهمة الشغب والاعتداء علي قوات الأمن وتخريب المنشآت العامة.
ولما أراد المشير حسين طنطاوي، رئيس المجلس العسكري آنذاك، تحسين صورته أمام الشعب، قام بزيارة بعض مصابي الأحداث في مجمع كوبري القبة العسكري، وحين حاول بعض النشطاء السياسيين ونواب الشعب المنتخبين الحديثً معه، مثل الدكتور معتز بالله عبد الفتاح والدكتور عمرو حمزاوي والمهندس وائل غنيم، التدخل لمحاولة الوصول لهدنة بين المتظاهرين وقوات الأمن بائت محاولتهم بالفشل.
تلى ذلك صدور الرسالة رقم 91 من المجلس العسكري، على موقع فيسبوك، أبدى فيها أسفه لنساء مصر عما حدث من تجاوزات بحقهن منذ بداية الأحداث.
لم تمر ساعات حتى أصدر المجلس رسالته رقم 92، تلك التي أكد فيها توفر معلومات لديه تفيد باستمرار المخطط الهادف إلى إفشال وإسقاط الدولة بتصعيد الاعتصامات والاحتجاجات واستهداف المرافق الحيوية للدولة.
أدت أحداث مجلس الوزراء إلى استقالة كل من الدكتور معتز بالله عبد الفتاح وأحمد خيري أبو اليزيد والدكتورة نادية مصطفى ومنار الشوربجي وزياد علي ولبيب السباعي وحسن نافعة وشريف زهران وحنا جرجس من المجلس الاستشاري.
ونشأ المجلس الاستشاري بقرار من المجلس الأعلي للقوات المسلحة ليقوم بدور استشاري مساعد له، بعد اندلاع احتجاجات ومظاهرات واسعة في مصر بداية من يوم السبت 19 نوفمبر، علي إثر قيام قوات الشرطة المدنية والعسكرية باستخدام القوة لفض اعتصام في ميدان التحرير.
بوابة الاهرام